تحقيق يخترق مملكة "الفقها" وكبار السحرة في المغرب، بينهم مسلمون وحاخامات يهود ويونانيون وإسبان وأفارقة وخليجيون
يبدو العرافون البسطاء والشوافات أقزاما بينهم، هؤلاء محترفون من عالم آخر، يصرفون ملوك الجان لخدمتهم، يأسرون القلوب ويسكنون الأجساد ويعلنون حروبا مفتوحة جنودها "خدام الخواتيم" . "فقها" يطيرون ويختفون في رمش العين. حاخامات يهود، إسبان ويونانيون أفارقة وخليجيون، يسيطرون على العوالم السفلية، في البيضاء والرباط ومراكش والصويرة...
الفرق بينهم وبين "الشوافات" و"الفقها" العاديين، أن هؤلاء يملكون مفاتيح أخطر باب يفصل بين مملكتي الإنس والجان: السحر الأسود أعمالهم تتجاوز قراءة الطالع واستطلاع "الفال، إلى القيام بأعمال خارقة لا يصدقها عقل، هذه حقائق مثيرة من هذه العوالم الغريبة بلسان محترفي وضحايا السحر الأسود.
"فقها" يروضون الجن
لا يكاد يرى لـ"الفقها" الذين يتخصصون في السحر الأسود أثر في المدن يفضلون العيش في قرى صغيرة حيث يمتهن العديد منهم الإمامة والمشارطة" في مساجد بالداوير ولا يفتح عليهم أبواب الملاحقة الأمنية وضجيج الخلافات مع الزبناء.
في عدة مناطق من "دكالة" و"سوس" يوجد العديد من هؤلاء "الفقها" لا يشهرون احترافهم السحر الأسود كما أن زبنائهم يعدون على رؤوس الأصابع بينما يقول أغلبهم أنهم يرفضون تقاضي أموال مقابل أعمال السحر التي يقومون بها. "نعيش على شرط إمامة المساجد وهدايا السكان لا نقوم بهذه الأعمال إلا إذا كان وراءها خير، وإلا فإن تبعاتها تطال الأهل والمال أعرف العديد من الفقها الذين فقدوا أبنائهم لاحترافهم هذا النوع من السحر". يكشف والعبدية وهو فقيه بأحد دواوير سيدي بنور بدكالة.
أعمال السحر التي يقوم بها هؤلاء "الفقها" تبدأ من "المحبة" وهي "الخدمة" التي يرجى من ورائها جلب الحبيب وإثارته إذا لم يكن يبالي بالراغب في جذب اهتمامه هذا النوع من السحر الأسود يشمل كذلك جل المشاكل العاطفية بين الأزواج من خلال ما يعرف بـ"التهييج" وهو عمل يقوم على أساس تقريب المسافة بين الزوجين، لدرجة يستحيل معها أن ينظر أحدهما إلى غير الآخر.
قائمة "الخدمة" التي يشملها هذا النوع من السحر الأسود تشمل أيضا معالجة الأمراض الجنسية والعقم إلى جانب طرد الجن المتلبس بأجساد الضحايا من الرجل والنساء كما يمكن لـ"الفقيه" أن يصرف قدارته الخاصة من أجل إنزال عقاب بشخص أو أسرة وهو ما يتم عن طريق "التقاف" الذي يستهدف التعجيز الجنسي ، أو" التراجيم"، وهو حينما يسخر الساحر الجني الذي يكون "خديما" عنده لرجم بيت بالحجارة المتقدة والنيران.
آخر حكاية "تراجيم" وقعت قبل نصف سنة بحي "العنق" بالدار البيضاء. شهر من عذاب قاسته أسرة مكونة من أب وأم وشقيقتين بشقتيها بالطابق الأرضي في إحدى عمارات الحي المهترئة كان الأمر أشبه بكابوس لم يكتب لهذه العائلة الاستيقاظ منه. ففي غمرة سكونهم يسمع دوي سقوط أوان أو ارتطام حجارة بالحائط وحينما يهرعون لاستجلاء حقيقة الأمر يرون أمورا أكثر عجبا: حجارة مشتعلة تحلق في أرجاء الغرفة قبل أن تصطدم بالجدران وملابس تضرم فيها النيران دون سبب.
قضت هذه الأسرة أياما بين "الفقها" والمعالجين الروحانيين لاذ خلالها جيران بالفرار واختلطت رائحة البخور بالهواء الرطب الآتي من البحر القريب من المكان، وقيل إن سبب معاناتهم تسخير ساحر بأكادير لجني، وذلك بإيعاز من أحد أقارب الأسرة الذي كانت بينه وبينها خلافات.
العديد من محترفي السحر الأسود يقولون إنهم يروضون الجن واستخدامه لأغراضهم الخاصة في منتهى السرية عن طريق ما يدعونه بـ"طي الأرض" وهي "خدمة تمكن الساحر من الانتقال من مكان إلى آخر في طرفة عين، أو "الإخفاء" الذي يتيح لهم حجب أنفسهم عن الأنظار.
هذه القدرات لا تتحصل لدى جميع "الفقها"، بل يبذل لها جهد خارق تتطلبه السيطرة على جني وجعله "خديما" ينفذ أوامر الساحر. هذا الأمر يتطلب من "الفقيه" اعتزال الناس لمدة سنة كاملة، حيث يلوذ وحيدا بالخلاء ينزع عنه جميع ملابسه، ويتوضأ ببوله ويقضي وقته تائها في القفار، ويظل يكتب طلاسم خاصة جدا إلى اليوم الواحد بعد المائة، حيث يظهر له الجني الذي كان يرغب في تطويعه. التأكد من هذا الأمر، حسب ما أوضحه ولد العبدية لـ"أوال" يتأتى بعد نظر الساحر في المرآة لحظتها يظهر له الجني الذي سيصبح "خديمه" وملازمه بقية حياتهما !!
في ضيافة الحاخامات
للسحر الأسود خريطة في المغرب فأباطرته يتوزعون بمناطق بعينها، حسب أنواع السحر التي يحترفونها إذا كان "الفقها" الذين يبرعون في السحر الأسود يستوطنون القرى النائية والمداشر البعيدة، فهناك سحرة مغاربة من نوع خاص يقيمون داخل أرقى أحياء المدن الكبرى ويوجدون في المناطق المأهولة باليهود المغاربة أساسا، والأكثر من ذلك أنهم يتربعون على هرم السلطة الدينية لليهود في المغرب : إنهم الحكام الحاخامات. "أوال" اقتفت أثر أشهر السحرة الحاخامات اليهود في البيضاء والصويرة، عاصمة اليهود المغاربة إنهما الساحران الشهيران "أهايون لازار إيكي" و"حاييم أزلغوط".
في قلب الدار البيضاء، وتحديدا بشارع المسيرة الخضراء بالمعاريف، وبالضبط قرب مقر الهلال الأحمر. توجد شقة الساحر اليهودي "اوهايون" هنا يقيم منذ سنوات ويستقبل زبناءه يوميا باستثناء ليلة الجمعة ويوم السبت حيث يتزعم فيهما قد اسات "شباط" في المعبد اليهودي "السيناغوغ" بالبيضاء.
الوصول إلى منزله سهل للغاية ، جميع سكان هذا الحي الراقي يعرفون "اوهايون" الذي يثير وجوده بتلك العمارة الهادئة صخبا غير عادي. بينما كنا نهم بدخول العمارة صندوق بريد كتب فيه الساحر اليهودي اسمه بالفرنسية توجد شقته بالطابق الأول، هي أشبه بعيادة بابها مفتوح بينما علقت به عبارة تسترعي الانتباه والدهشة "الحاكم الحاخام" أسفلها اسمه بالفرنسية مرة أخرى. رائحة بخور غريبة ومختلفة تنبعث من شقة هذا الساحر اليهودي، أول ما يطالعك عند الباب سنجاب محنط وضع فوق خزانة كبيرة. بجانبها كراسي انتظار جلست فيها امرأتان وشاب، فوق الكراسي علقت صور لرجال دين يهود كتبت عليها عبارات باللغة العبرية . شيء من الجلبة يصدر من داخل الشقة التي استغل "اوهايون" كل شبر فيها. عند الباب أيضا يجلس أحد مساعدي الحاخام، وهو الذي حال بيننا وبين الدخول "يجب أن تتصل بالحاخام حتى تأخذ موعدا.. خذ هذا هو رقم هاتفه المحمول..، قال لنا هذا المساعد وهو ينهمك في قضم "ساندويتش شوارما" وعينه تحدق بالباب. ربطنا الاتصال بـ"الحاكم الحاخام" لحجز موعد معه. لم يجب إلا بعد معاودة الاتصال فمن عادته أنه لا يجيب لأول مرة حسب ما أوضحه مساعده، "اعد الاتصال.. سيجيبك بالتأكيد" يستطرد المساعد . أعدنا الاتصال فأجاب الحاخام:
لو من معي..
أنا شاب أريد مقابلتك
من الذي أرسلك؟
أخذت رقم هاتفك من عند مساعدك
عندك مشكل؟
نعم
أين أنت الآن؟
بالقرب من شقتك
عد إلي غدا.
كانت له نبرة غريبة، الكلمات الدارجة استعصت شيئا ما في حلقه، فعوضتها أخرى بعبرية غير مفهومة.
عندما رجعنا إليه كان باب شقته مغلقا. أتصلنا به ثانية فأخبرنا :"أعتذر،يمكنك أن تأتي بعد العيد فقد سافرت لحضور مراسيم دينية. المشكل خاص بك؟ عد غلي بعد العيد إن شاء الله".
لك يكن الحاكم الحاخام ساحرا عاديا، حسب ما يكشفه أحد جيرانه الذين التقتهم "أوال" يمكن للحاخام أن يتقاضى مبالغ كبيرة خصوصا أن زبناءه من الميسورين. لكنه لا يشترط أحيانا مالا مقابل ما يقوم به، ففي بعض المرات يقوم بأعمال سحر بالمجان، كما أنه يمكن أن يسلم لزبنائه نقودا إن كانوا معوزين يقصد وراء فعل الخير لا غير".
فعل الخير تطلب من "الحاكم الحاخام" تعقب خيوط السحر الأسود الخاص باليهود، والذي يسمى بسحر "الكبالا" هذا النوع من السحر يوجد في ثاني كتاب مقدس عند اليهود، وهو "التلموذ" الذي يعد بمثابة الشريعة التطبيقية للديانة اليهودية.
هذا الأمر يبرر براعة اليهود المغاربة في السحر، واحتراف الحاخامات وهم في الأصل رجال دين، للسحر الأسود و"الكبالا"
يؤمن السحرة اليهود المغاربة مثل غيرهم من اليهود بأن "الكبالا" هي كلمة سرية أوحى الله بها إلى النبي موسى الذي أخبر بها أخاه هارون قبل أن تشيع بين الأحبار اليهود وتتحول إلى مذهب خاص يعتلي قمة غرابة السحر الأسود.
تعلم هذا النوع من السحر تطلب تبدأ من طبقة "أهايون" التدرج عبر عشر طبقات تبدأ من طبقة "إنصوف أور" والتي تعني التاج بالعبرية، إلى طبقة الملكوت التي يشاع لديهم أنها ترتقي بالساحر من سابع أرض إلى سابع سماء.
على هذه الخطى سار ساحر آخر بمدينة الصويرة وهو أيضا حاخام ويدعى"حاييم أزلغوط" هذا الحاخام عمره السبعين سنة يعتلي صدارة السحرة اليهود في المغرب والعالم بأسره، إذ تأتيه أفواج من المغاربة المسلمين واليهود وأجانب من إسرائيل ودول أخرى للتبرك بقدراته الخارقة كما يقولون. "المكانة التي يحظى بها حاييم لدى المغاربة وأهل الصويرة بالأساس وصلت إلى درجة تقديسه وعبادته"، يقول حسن أحد سكان مدينة الرياح العارفين بخبايا اليهود المغاربة هناك.
برنامج الحاخام "حاييم" اليومي يتوزع على الاهتمام بالمقابر والمعابد اليهودية بهذه المدينة الساحلية الصغيرة،واستقبال الزبناء الذي يفدون عليه من عدة مناطق "يكثر زبناؤه خلال مهرجان كناوة فهناك أشخاص يجعلونه في الرتبة الثانية ضمن قائمة انشغالاتهم حينما يأتون إلى المهرجان. شخصيا التقيت امرأة وابنتها قدمتا، الصيف الماضي، من الدار البيضاء وبالضبط من حي بوركون من أجل زيارة الحاخام حاييم ، يروي إبراهيم وهو مساعد سابق لهذا الساحر اليهودي.
تتراوح المبالغ المالية التي يتقاضاها "حاييم" ما بين 100 و2000 درهم حسب سخاء الزبون، "لا يشترط مبلغا معينا، يمكن أن يأخذ مائة أو مائتي درهم، أو أكثر من ذلك بكثير"، يردف إبراهيم في اتصال مع "أوال".
رفقة إبراهيم لهذا الساحر اليهودي جعلته يطلع على جميع أسراره وعملياته الخاصة، بما فيها الأكثر إثارة للدهشة والاستغراب . "من الأعمال المثيرة التي يقوم بها حاييم هي أنه يشترط على نساء إحضار مني يهودي للقيام بعمل السحر، وعندما تتفاجأ المرأة يعرض عليها ممارسة الجنس معه حتى تحصل على منيه ويتقاضى مقابل هذا المني مبلغا ماليا أي أنه يبيع منيه"، يحكي إبراهيم وقد زاحمت ضحكة جمله.
العمانيون وزعماء "الفودو"
مملكة السحر الأسود في المغرب تتوسع لتستقبل أباطرة آخرين هؤلاء يحظون بوزن خاص في عدة مدن، أبرزها الدار البيضاء كما يتحرون في عملهم السرية التامة، يتعلق الأمر بسحرة أجانب أضحوا يزاحمون السحرة المغاربة، المسلمين واليهود على حد السواء.
من بين هؤلاء السحرة مشعوذ عماني ظل يشتغل بشقته بابن مسيك بالبيضاء لأزيد من سنتين قبل أن تلقي عليه عناصر الأمن التابعين للدائرة الرابعة القبض بعدما شاعت أخباره ووصل إلى حد تقدم زبناء بشكايات تتهمه بالنصب عليهم وسلبهم مبالغ مالية كبيرة.
حدث استثنائي هو الذي أربك حسابات هذا الساحر العماني وحكم على نشاطه في المغرب بالإعدام. كان ذلك قبل ستة أشهر وهو تاريخ إلقاء القبض عليه، أما المشكل فأثاره زبون إماراتي سمع بقدرات هذا العماني الخارقة وقدم إليه من الإمارات العربية المتحدة. اكترى هذا الإماراتي شقة بالدار البيضاء وظل يتردد على الساحر العماني ويغدق عليه أموالا طائلة إلى أن يئس من تحقيق مسعاه، ما دفعه إلى إخطار مصالح الأمن التي ألقت عليه القبض مباشرة بعد تقديم الزبون للشكاية. غالبا ما تنتهي مغامرات السحرة عند أعتاب "الكوميساريات" والمحاكم، هذا ما يحصل تحديدا مع أفارقة يحترفون بدرهم السحر الأسود بالمغرب وهو ما يطلقون عليه "الفودو".
يصنف "الفودو" ضمن أخطر أنواع السحر الأسود في بلادنا خاصة في المدن الكبرى مراكز سحرة "الفودو" في الدار البيضاء حسب ما كشفه مسؤول أمني في مصلحة الشرطة القضائية بولاية أمن العاصمة الاقتصادية، تتوزع على الأحياء التي يقيم بها أفارقة من دول جنوب الصحراء بشكل كبير، وفي مقدمتها حي الألفة والفردوس بالحي الحسني وحي بوركون "شهد هذا الأخير في الأسبوع الأول من نونبر تفكيك عصابة للسحر يتزعمها ماليون بعدما تقدم ثري مغربي بشكاية يتهمهم فيها بالنصب عليه في مبلغ 23 مليون سنتيم ، يقول المسؤول الأمني، قبل أن يردف "جميع الدوائر الأمنية بالبيضاء تعج بهذه القضايا لكن القضايا الكبرى منها هي التي تصل إلينا بالشرطة الولائية".
سبب الاستنفار الأمني ضد السحرة الأفارقة هو ما يروج بأن هذا النوع من السحر هو الأخطر كما أن تأثيراته الصحية قوية للغاية خصوصا إذا تحرى السحرة في جميع الشقق التي نداهمها. هذه الأدوات تتجلى في دمى وصور وبعض المحاليل الغريبة"، يكشف المسؤول الأمني. يعتمد سحرة "الفودو" علىى الدمى لاعتقادهم بقدرتها على التأثير في الشخص الذي يرغب الزبون في سحره عن طريقها. يبدأ الأمر بإحداث المقصود بعمل السحر، كما يعتقدون ثم يبدأ الساحر في وخز مكان القلب بإبرة حادة ما يؤدي إلى إحداث آلام فظيعة للشخص المسحور على الفور.
أما المحاليل التي يعثر عليها في شقق هؤلاء السحرة فيسمونها "ماسان" ويعتقدون أن تناولها يحدجث مشاكل صحية ونفسية للمسحورين.
القنينة الواحدة من هذا السائل تباع كما أوضح المسؤول الأمني، بمقابل 5 آلاف درهم على أقل تقدير.
شغف الزبناء الأثرياء بسحر "الفودو" يدفع بعضهم إلى امتشاق عباب المغامرة والانتقال إلى دول إفريقية من أجل القيام بهذه الأعمال السحرية.
السحر الإلكتروني
علاقة الأجانب بالسحر في المغرب لا تقتصر فقط على احتراف سحرة من دول عدة للشعوذة في مدن مغربية، بل تشمل تصدير سحرة و"فقها" مغاربة لخمات خاصة جدا إلى دول أخرى علانية وبطرق لا تخضع لمراقبة أمنية،عكس النشاط الذي تحترفه شبكات السحر المغربية الدولية كيف ذلك؟
التجأ العديد من السحرة المغاربة إلى سوق حرة نسبيا يتيح إمكانية التواصل مع الراغبين في القيام بأعمال سحر، دون إثارة انتباه هذه السوق هي الانترنيت الذي سيطر المغاربة على زاوية به مخصصة للسحر الأسود، وأعمال المحبة وتسخير الجن وكشف الحجاب.
العديد من السحرة المغاربة خلقوا مواقع إلكترونية ومنتديات خاصة بهم على شبكة الانترنيت هي أشبه بشركات خاصة تقدم خدمات سحر مختلفة فالهدف من هذه المنتديات هو التواصل مع زبناء بالخارج يغريهم صيت السحر الأسود بالمغرب ويستعصي عليهم القدوم إليه لملاقاة سحرته مباشرة.
غالبية هؤلاء لا يطلقون ألقاب "شوافة" أو"فقيه" على أنفسهم بل يفضلون تسميتهم بـ"الشيخ" أو "الشيخة" على اعتبار أن هذا هو اللقب الذي يعرف به السحرة والعرافات في الخليج، السوق الرئيسية لهؤلاء "الشيوخ" ما يبرر هذا الأمر كذلك، أن أرقام الهواتف التي يقومون بنشرها في مواقعهم الإلكترونية مكتوبة وفق الترقيم الدولي، حتى يسهل على العرب الأجانب الاتصال بهم بسهولة.
أحد هؤلاء السحرة امرأة تلقب نفسها بـ"الشيخة المغربية السوسية"، أو "أم ولاء الروحانية" والتي خلقت منتدى إلكترونيا خاصا بها تعرض فيه خدماتها على الزبناء الأجانب بالتحديد.
تضع هذه الساحرة في هذا المنتدى، الذي أسمته "السحر السفلي" رقم هاتفها المحمول وبريدها الإلكتروني أسفل عبارة مغرية تقول "لجلب الحبيب خلال 48 ساعة"، كما تقدم في هذا المنتدى وصفاتها الخاصة بالسحر، بلهجات شرقية يسهل على المشارقة والخليجيين فهمها.
هذه الوصفات تبدأ من "ربط فرج المرأة بخادم سحر سفلي قوية"، أو ما يسمى بـ"التقاف" و"محبة على رغيف عيش" وصولا على وصفة أسمتها "تهييج التات عليك" وهي كلها وصفات صحيحة ومجربة كما تقول.
عدد زوار منتدى "الشيخة السوسية" يعدون بالعشرات يوميا أما قراء مواضيعها الساخنة جدا فوصلوا إلى أزيد من 5 ألاف وهم في الغالب أجانب غير أن أهم الزبناء عندها هم الذين تتواصل معهم عبر البريد الإلكتروني من أجل القيام بأعمال سحر دون شرط القدوم إلى المغرب.
مغربي آخر يسيطر على سوق السحر عبر الانترنيت يتعلق الأمر بـ"الشيخ عبد الله المغربي المتواضع" الذي أنشأ "منتدى الشيخ عبد الله لعلم الروحانيات والفلك" يقدم من خلاله نفس خدمات "الشيخة السوسية" مع فرق عدد زبنائه وصلو على أكثر من 7 آلاف شخص.
على غرار "الشيخة السوسية" فـ"الشيخ عبد الله المغربي" يعرض رقم هاتفه المحمول وبريده الالكتروني من أجل التواصل مع زبنائه بالخارج من خلال هذه العملية يحصل على المعلومات اللازمة للقيام بأعمال السحر، والتي لا تعدو أن تكون معطيات شخصية مثل اسم الزبون واسم والدته والشخص الذي يرغب في التقرب منه أو إيذاءه بعمل سحر.
أما طريقة الأداء فهي واحدة وتتمثل في إرسال نقود عن طريق وكالات دولية لتحويل الأموال إذ يلزم الساحر زبونه بأداء تسبيق مالي من اجل اقتناء لوازم القيام بعمل السحر وفي كل خطوة جديدة يتعهد الزبون بأداء المبلغ في شكل دفعات حتى يتحقق مأربه، رغم أن في هذه الطريقة مغامرة كبيرة وتفتح باب واسعا ليذهب الزبون ضحية النصب والاحتيال. هذه الطريقة السهلة أغرت عددا من السحرة والساحرات بالمغرب خصوصا مع تزايد الطلب عليهم خارجيا، خاصة من الخليجيين هذا الأمر دفع العديد منهم إلى إنشاء مواقع الكترونية خاصة بهم مثل موقع "الشيخة المغربية الروحانية" هذه "الشيخة" تعرض جميع أرقام هواتفها كما أنها طورت مجال عملها واستعانت برجل يلقب نفسه بـ"الشيخ المغربي" تقدمه على أساس كونه "المدير العام" لشركة السحر الخاصة بها.
هذه "الشركات" الخاصة تطورت إلى درجة خلق جو منافسة فيها بينها ما دفع العديد من السحرة المغاربة إلى التفكير في طرق جديدة لإغراء الزبناء، والتميز عن السحرة الآخرين.
مثال على ذلك ساحر مغربي يدعى "الشيخ ياسين المغربي" والذي يعرض "هدايا سحرية" تفضيلية ومجانية لزبنائه الذين يتواصلون معه عبر بريده الالكتروني تتجلى هذه الهدايا في تسليمهم ما يعرف بـ"الخواتيم" أي "الحروز" والتمائم التي تستجلب حسبه، "إبطال التوابع ووضع خاتم الحظ والقبول وجلب الحبيب الغائب".
خواتيم "الشيخ ياسين" المجانية لا تقتصر على هذه الأمور فقط، بل تشمل أيضا "ازدهار التجارة والزواج والتيسير لدى جميع الإدارات، كما يزعم أيضا أنه يملك تميمة عجيبة يسميها "خاتم الحظ" تحقق " الكسب المالي والربح ببطاقات الحظ اللوثري وبطاقات السحب في البنوك، فهو للقبول والجلب والجاى والسيطرة والشهرة والمال ويحقق الأهداف مهما كانت في الحب والصحة والمال".
أما الخدمات السحرية الحصرية فيخص بهاز بناءه الذين سيدفعون مقابلها المادي، وهم اللذين يتواصل معهم مباشرة عبر هاتفه المحمول.
صفقات ومداخيل السحر المغربي
السحر المغربي "قائم الذات، له باعته وزبناؤه وبضاعته الأمر أشبه بزيارات طبية تبدأ بأداء ثمن الزيارة وهو ما يطلق عليه السحرة و "الفقها" اسم "الفتوح"
"الفتوح" شرط يميز "الفقها" القنوعين الذين يرضون بقدر يسير مكن المال أو المرونة خاصة في القرى وبين المتطلبين الذين يستقطبون عشرات الزبائن يوميا. هذه الفئة تشترط خلال الزيارة ما لا يقل عن ألف درهم، تسلم لمساعد الساحر الذي ينظم عملية عيادة "الفقيه" ويسترق معلومات شخصية حول المريض وسبب زيارته قبل أن يطلعها على الساحر بغرض إحكام الشراك الذي سيسقط فيه ضحية السحر.
قائمة المداخيل تشمل أيضا مواد سحرية يشترطها الساحر لإتمام عمله، تختلف هذه المواد حسب طبيعة السحر فإذا كان الأمر متعلقا بـ"تقاف" أو ربط جنسي فالفاتورة تقتصر على مبلغ يسير يسلم للساحر الذي يتكلف باقتناء لوازم فك الربط، وعلى رأسها لب نبتة الدوم الأخضر التي يشاع لدى السحرة أن استعمالها هو الطريقة الصحيحة المجربة لفك "التقاف".
أحيانا، يلتجئ لفك الربط وشراؤها مثل بول والدة الشخص المسحور، والذي يقرأ عليه الساحر تعويذات قبل أن يغتسل به المسحور ليبرأ من سقمه. هنا تقتصر الفاتورة على أجرة الفقيه.
ويشترط العديد من السحرة مواد معينة يستعينون بها اثناء عملية عقد أو فك السحر. هذه المواد ذات طبيعة سمية مثل "التوكال" والذي يضم مواد خطرة وغريبة يقنع الساحر زبونه بالتكلف باقتنائها مقابل مبلغ مالي كبير، يصل إلى 200 درهم للغرام.
بعض السحرة اليهود يلجؤون إلى حيلة ماكرة لرفع سقف مدخولهم اليومي، وذلك عن طريق إقناع زبنائهم، خاصة النساء بشراء سائلهم المنوي، على اعتبار أن عمل السحر الذي يطلبن يستوجب مني رجل يهودي الديانة
أما الصفقات الكبرى التي تذر الملايين على السحرة فيختص بها السحرة الذين يدعون أنهم يستخرجون الخزائن والكنوز المدفونة في الأراضي والدور المهجورة. آخر قصة في هذا الباب حدثت قبل شهور قليلة بجامعة دار بوزعة بالدار البيضاء وتحديدا بالمنزل المسمى "دار بوعزة" الذي أشيع أنه مسكون وتحت بلاطه كنز ثمين، ملاك الدار، وفق ما أكدته مصادر "أوال" استدعوا سحرة من سوس لاستخراج الكنز. تم التعاقد مع ثلاثة منهم، مقابل 10 ملايين سنتيم، فضلا عن حصة من الكنز المستخرج غير أن "الفقها" السوسين عجزوا عن استخراج الكنز "مات أحد الفقها على الفور بعدما دخل دار بوعزة بينما فر الآخران" يكشف شاهد على الحادثة.
ملوك السحر الأبيض يفضلون المغرب
إذا كان للأجانب الذين يحترفون السحر الأسود في المغرب زبنائهم من الراغبين في اختراق جدران المجهول وتحقيق الأماني الغيبية فإن المغرب يعد من أهم عواصم نوع آخر من السحر يطلق عليه "السحر الأبيض".
ويتعلق الأمر بأعمال خارقة يقوم بها سحرة محترفون تستهدف بالأساس توفير الفرجة والإثارة عكس السحر الأسود يمكن أن تتمخض وصفاته عن إيذاء جسدي أو نفسي.
يحترف العديد من السحرة الأجانب المعروفين مجال السحر الأبيض في المغرب، في ما يفد إلى عدة مدن مغربية سحرة آخرون من دول مختلفة مثل فرنسا وإسبانيا وكندا للقيام بأعمال سحر خاصة جدا.
من بين محترفي السحر الأبيض هؤلاء ساحر إسباني يدعى "كارل برافوسكي" ربطته بالمغرب علاقة وطيدة آخرها قبل أربع سنوات عندما حاول تقديم أحد عروضه الغريبة وسط ساحة البريد بالرباط من خلال توقيف عقارب الساعة الكبرى للساحة على غرار ما قام به في إنجلترا وإسبانيا.
هذا الساحر الشهير تمكن أيضا من التكهن بستة عناوين صدرت في الصفحة الأولى لإحدى الجرائد المغربية، قبل أن تصدر بأسبوعين، من بين هؤلاء السحرة الأجانب الذين دأبوا على القدوم إلى المغرب ساحر فرنسي يدعى "سيدريك يوكريد". هذا الساحر له قدرة خارقة على القيام بأعمال مرعبة للغاية كأن يقسم جسده إلى نصفين أو يخرج أحد أعضاء جسده ويريه للملأ. كما أنه من الزوار الدائمين لمدينتي أكادير ومراكش بالتحديد.
"ماريو شوانيير" هو أحد هؤلاء السحرة الأجانب الذين يزورون المغرب باستمرار. هذا الساحر الكندي والبالغ من العمر 51 سنة، كان ضيفا خاصا بالقصر الملكي، بمناسبة الاحتفال بالذكرى الثانية لميلاد لالة خديجة كما يحظى بشهرة واسعة في أوساط المغاربة والأجانب المقيمين بالمغرب.