هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 المملكة المغربية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
press
Admin
press


عدد المساهمات : 206
تاريخ التسجيل : 09/04/2011

المملكة المغربية Empty
مُساهمةموضوع: المملكة المغربية   المملكة المغربية I_icon_minitimeالجمعة أبريل 15, 2011 5:59 am

يحدد رمز المملكة المغربية على الشكل التالي׃

ترس حمري، بمعلاته نصف شمس بازغة، ذات 15 شعاعا من ذهب فوق ساحة لازودية، مدعمة بعويرضة مقببة خضرية، معرنسة من ذهب وفضة؛ الكل مثقل بنجمة خماسية مفرغة خضرية، والترس موسوم بالتاج الملكي المغربي من ذهب، مزخرف بجواهر تتناوب حمريا وخضريا، وهو محشى بشراريف من ذهب مدعمة بقرني خصب ومسنود بأسدين طبيعيين׃ أسد اليمين يرى من الجانبية وأسد اليسار متنمر، وبالترس لافتة من ذهب بها الآية الكريمة׃ "إن تنصروا الله ينصركم".

الطبيعة والسكان

الموقع الجغرافي

تقع المملكة المغربية في شمال غرب إفريقيا، يحدها شمالا البحر الأبيض المتوسط، وجنوبا موريطانيا، وشرقا الجزائر، وغربا المحيط الأطلسي .يمتد المغرب على مساحة 710.850 كيلومتر مربع، ويبلغ طول سواحله 3500 كيلومتر.

المناخ و الغطاء النباتي

يختلف مناخ المغرب حسب المناطق، فهو متوسطي بالشمال، محيطي بالغرب، صحراوي بالجنوب. أما في الداخل فيتميزبكونه مناخا قاريا، و يتأثر بعامل الارتفاع في منطقة جبال الأطلس.

يغلب على الغطاء النباتي الطابع المتوسطي. إذ تعرف المناطق الجبلية نمو أشجار العرعر و البلوط و الأرز و نباتات جبلية أخرى. أما السهول فتعرف نمو أشجار الزيتون و المصطكاء والأركان. في حين يكثر نبات الحلفة و الشيبة بالسهوب الداخلية. وتبقى الواحات بالمناطق الجنوبية البيئة الأمثل لنمو النخيل.

السكان

يبلغ عدد سكان المغرب 30 مليون نسمة يتزايدون بمعدل 1,8 % أما متوسط أمد الحياة فهو 67 سنة.

ويتوزع السكان حسب وسط الإقامة إلى 51.4% بالوسط الحضري ، و48.6% بالوسط الفروي.

العاصمة

عاصمة المملكة المغربية هي الرباط، و يبلغ تعداد سكانها 1.500.000 نسمة.

المدن الرئيسية

توجد إلى جانب الرباط مجموعة من المدن الكبرى:

الدارالبيضاء: 3.200.000 نسمة

فــــاس: 719.000 نسمة

مراكــش: 644.000 نسمة

مكــناس : 484000 نسمة

تطــوان : 484.000 نسمة

أكــادير : 420000 نسمة

طنجــة : 410000 نسمة

العيــون: 174000 نسمة

اللغة

اللغة الرسمية: العربية

اللغات الأخرى المستعملة :الأمازيغية

اللغات الاجنبية المستعملة: الفرنسية، الإسبانية و الإنجليزية

الديانة

الإسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية.
التاريخ

تقف الآثار العديدة التي تعود إلى حقبة ما قبل التاريخ شاهدة على أن المغرب كان آهلا بالسكان منذ عصور خلت. بيد أن المغرب لم يبرز كدولة إلا عام 788 م، حين نصب مولاي إدريس الأول ملكا على البلاد في مدينة وليلي׃

القرن الحادي عشر ق م : تمركز وكالات تجارية فنيقية على ساحلي البحرالأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي وكان يسكن المغرب حينئذ قبائل امازيغية.

- القرن السادس ق م : تمركز وكالات تجارية قرطاجية.

- القرن الثاني ق م : احتلال الرومان للبلاد.

- القرن الثالث : احتلال الوندال ثم البيزنطيين.

· 681 : بداية فتح المغرب من قبل العرب ودخول الإسلام إلى البلاد.

· 788 : بداية عهد سلالة الأدارسة.

· 809 : تأسيس مدينة فاس من قبل إدريس الثاني.

· 1055 : بداية عهد سلالة المرابطين,

· 1061-1107 : عهد يوسف بن تاشفين مؤسس مدينة مراكش العتيقة.

· 1130 : بداية عهد سلالة الموحدين.

· 1184-1199 : عهد يعقوب المنصور الذي جعل من الرباط عاصمته

(بناء صومعة حسان في الرباط، والكتبية في مراكش، والخيرالدا في إشبيلية).

· 1258 : بداية عهد سلالة المرينيين.

· 1269-1286 : عهد ابي يوسف اليعقوب (بناء فاس الجديد).

· 1331-1351 :عهد ابي حسان (بناء مقبرة شالة في الرباط).

· 1554 : بداية عهد سلالة السعديين.

· 1578 : معركة الملوك الثلاثة تضع حداً للهيمنة البرتغالية.

· 1578-1603 : عهد أحمد المنصور (قبور السعديين في مراكش).

· 1664 : بداية عهد السلالة العلوية الشريفة

· 1672-1727 : عهد مولاي إسماعيل مؤسس مدينة مكناس.

· 1927 : تربع جلالة الملك محمد الخامس على عرش أسلافه المنعمين.

· 1956 : استقلال المغرب.

· 1961 : تربع جلالة الملك الحسن الثاني على عرش أسلافه المنعمين.

· 1971 : اعتماد الدستور الحديث عن طريق الاستفتاء العام.

· 1975 : المسيرة الخضراء تعيد الأقاليم الصحراوية إلى حظيرة الوطن الأم.

· 1993 : تدشين مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء.

· 1999 : تربع جلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه المنعمين.

أقلعت الطائرة من دمشق في الصباح الباكر لتحط بي عند الظهيرة في الدار البيضاء، ولم تكن

من المطار يمكن التوجه مباشرة إلى محطة القطار في الطابق السفلي، والحقيقة أنني فوجئت بالنظافة والنظام والدقة حتى خلت نفسي في محطة قطار أوروبية!

عشر دقائق ما بين محطة القطار ومحطة الدار البيضاء حيث ينطلق القطار إلى فاس.. الأرض منبسطة تتناثر فيها البيوت القروية، والجو مشبع بالرطوبة التي يحملها الأطلسي للشاطىء.

بعد ساعتين ونصف نصل مشارف العاصمة الرباط، ويبدو سورها القديم على اليسار، والأرض ما زالت منبسطة؛ لكن نهر بورقراق الذي يخترقها يحولها إلى بساتين غنّاء.. ويتابع القطار سيره عبر عشرات الكيلومترات من غابات الكينا والفلين، ثم بيّارات الحمضيات على أطراف مدينة سيدي سليمان، فحقول القمح والذرة وأزهار دوّار الشمس..

ثم تظهر للعيان على يمين المسافر من بعيد سلسلة جبال الأطلس.. أما مصفاة البترول عند سيدي قاسم؛ فيشم

المرء رائحتها قبل عدة كيلومترات!

بعد سيدي قاسم تتغير طبيعة الأرض؛ فتبرز التلال، وهنا وهناك بيوت قروية مبنية من الطوب، بينما يخترق نهر يمرح فيه الأولاد الوادي الخصيب.

ثم تظهر من جديد بيّارات الحمضيات، فحقول الحبوب المزروعة على التلال..واصل فاس مع المساء، وقد تجاوزت الساعة الثامنة بعد رحلة دامت 6 ساعات.

كانت صديقتي زهرة وزوجها رشيد بانتظاري في المحطة، وتعرّفت كل منا على الأخرى فوراً، رغم أننا لم نلتق سوى عبر الرسائل والصور؛ فصديقتي زهرة التي تصغرني بإحدى عشر سنة هي صديقة مراسلة أعرفها منذ خمس عشرة سنة.. أما كيف تحادثنا؛ فبالعربية الفصحى، إذ أن البون شاسع بين لهجة أهل الشام ولهجة المغاربة. ورغم أن المغاربة يفهمون لهجة بلاد الشام بسبب الأغاني والفضائيات السورية واللبنانية؛ لكن العكس ليس صحيحاً؛ فأنا بالكاد كنت أفهم حديثهم، لكنني في نهاية الرحلة حفظت بعض الكلمات!

في المنزل قدّمت لي زهرة التمر المحشو باللوز مع كوب من الحليب، وهي الضيافة المغربية التقليدية للترحيب بالضيف، كما كان العشاء مغربياً تقليدياً: لحم مطبوخ بالمرق مع اللوز والخوخ المجفف، ويسمونه برقوقاُ.

فاس.. منارة الحضارة الإسلامية المغربية

الجو جاف منذ الصباح، ولون السماء الباهت يوحي بأن الحرارة ستكون مرتفعة.. فاس هي عاصمة الولاية التي تحمل نفس الاسم، ويبلغ عدد سكانها حوالي 450 ألف نسمة..

عند الأصيل وقفت على الطريق العام المرتفع الذي يفصل فاس الجديدة عن القديمة أتأمل منه المدينة القديمة الممتدة أمامي هاجعة في أحضان الوادي فاس الخصيب، وبدت لي وكأنها خارجة للتو من التاريخ، لم تغيّرها القرون المتعاقبة.

بنيت فاس في عهد الأدارسة سنة 791 على يد مولاي إدريس الأول، وقد جعلها ابنه إدريس الثاني عاصمة له سنة 809. وتذكر المصادر التاريخية أن فاس كانت في القرن التاسع تتألف من حيين تفصل بينهما السوار، أحدهما يقع على طرف الوادي الأيسر، وهو حي القيروان، نسبة إلى سكانه القادمين من قيروان تونس، والآخر على الطرف الأيمن للوادي، وهو حي الأندلس، نسبة إلى سكانه القادمين من هناك، وكان الحي اليهودي يقع قرب القصر الملكي، وتحيط به الأسوار أيضاً..

وقد غدت فاس منارة للثقافة الإسلامية المغربية، خاصة في عهد يوسف بن تاشفين الذي جلب الصنّاع المهرة من الأندلس، وأنشأ شبكات المياه، وبنى عدة صناعات، واكمل ابنه علي بن يوسف بناء جامع القرويين سنة 859 ليجعل منه أقدم جامعة في العالم، ومركزاً للفكر والعلوم في نهاية القرن التاسع.

لكن نور فاس خبا في عهد المرابطين، الذين فضّلوا الانتقال إلى مراكش في نهاية القرن الحادي عشر، وما لبثت الأسوار بين الأحياء أن اختفت وأصبحت فاس مدين موحدة.

ثم عاد الإشعاع إلى فاس في عهد الموحدين الذي بدأ سنة 1145؛ فأصبحت مركزاً هاماً لشمال المغرب، لوقوعها على الطريق التجارية القديمة بين الرباط ووهران، وكان فيها في القرن الثالث عشر785 مسجداً، و80 سبيل ماء، و93 حماماً و472 طاحونة.. الخ.

وبلغ ازدهار فاس ذروته في عهد المريدين في القرن الثالث عشر والرابع عشر، حيث بني الكثير من المدارس، وأصبح يؤمها طلاب العلم من كل الأمصار الإسلامية أمثال ابن خلدون وليو الإفريقي وغيرهما. وكانت مكتبتها الضخمة تعتبر من أعظم المكتبات في عهدها.

يحيط بفاس سور يبلغ طوله 16 كلم، وله برجان رئيسيان للمراقبة هما البرج الشمالي والبرج الجنوبي، ومن أشهر أبوابه باب الفتوح الذي شهد ولوج وخروج العديد من رجالات المسلمين، وباب بو الجنود، وهو عبارة عن باب مضاعف، إحدى واجهتيه زرقاء اللون والأخرى خضراء..

وقد ولجت المدينة القديمة من طرف السور الجنوبي الغربي، حيث القصر الملكي..

ويعود تاريخ إنشاء القصر إلى القرن الرابع عشر، وتبلغ مساحته 18 هكتاراً، وقد أعاد الملك الحسن الثاني ترميمه، وهو مغلق في وجه العامة؛ ولكن يمكن استئذان أحد حراسه لالتقاط الصور التذكارية في باحة حديقته الخارجية.

مقابل القصر في الطرف الشرقي تطل البيوت القديمة للحي اليهودي بواجهاتها الخشبية الجميلة التي تصطف في شرفاتها أصص النباتات، وتتوزع بينها بعض المحال التجارية؛ لكن السوق يبدأ فعلاً عند نهاية الشارع، حيث يبدأ الازدحام؛ فتختلط البضائع وتفوح الروائح وتمتزج الأصوات.

الجلابا (أي الجلاليب) تتدلى من مشاجبها زاهية الألوان بين صفوف الأحذية المتنوعة واكوام مستحضرات التجميل ولوازم الحمام وأدوات المطبخ، والصناعات الجلدية والنحاسية التقليدية، وكل ينادي على بضاعته ويغري الزبائن بطريقته الخاصة، بينما تنبعث الألحان والأغاني المغربية من آلات التسجيل، كما تنبعث روائح الأطعمة المتنوعة من زوايا الأكل الصغيرة الموزعة بين المتاجر.

حانت الساعة التاسعة مساء بسرعة، وحان موعد إغلاق المحلات؛ فقد سرقت متعة المشاهدة الوقت مني.

ها أنذا صباح اليوم التالي أتجول في المدينة القديمة والحر لا يزعجني؛ فالدروب تمنحك الشعور بالبرودة والراحة.. وأمامي دربان رئيسيان هما الطلعة الكبرى والطلعة الصغرى، وسيان ايهما أختار؛ فكلاهما ممتع ويؤدي في النهاية (نزلاً وليس طلوعاً) إلى مقصدي.. أي زيارة جامع القرويين ومدرسة بوعنانية ومدرسة العطارين وضريح مولاي إدريس وغيرها من المعالم التاريخية التي تحفل بها فاس.

بنهاية نزولي من الطلعة الكبرى وصلت مدرسة بوعنانية التي بنيت في القرن الرابع عشر، وتعتبر أعظم مدارس فاس، وتمتاز بزخارفها البديعة التي استخدم فيها السيراميك والجص والخشب، وبقربها غرفة الأجراس التي ما زال يوجد فيها 13 جرساً برونزياً من القرن الرابع عشر كانت جزءاً من ساعة شمسية.

في نهاية سوق العطارين القريب العابق بالعطور والتوابل، والمزدحم بشكل لا يصدق (إذ تجد نفسك تمشي فيه دون أن تحرك رجليك؛ فالجماهير كفيلة بتحريكك تلقائياً!)، تقع مدرسة العطارين التي بناها السلطان أبو سعيد بين عامي 1323 و 1325، وتعتبر مع مدرسة أبو عنانية من أهم آثار المريدين.

أما جامع القرويين الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع؛ فقد تم توسيعه على يد السلطان علي بن يوسف سنة

1135 ليضم 2200 شخصاً، وهو بذات الوقت جامعة كانت في القرن الرابع عشر تضم 8000 طالباً..

في نهاية المدينة القديمة شرقاً يقع مسجد الأندلسيين من القرن الرابع عشر، وليس بعيداً عنه تقع زاوية مولاي إدريس الثاني الذي يعتبر مؤسس فاس الفعلي، وقد بنيت الزاوية تخليداً لذكراه سنة 1437، حيث يتبارك الناس بزيارة ضريحه ولمسه بالأيادي.



مكناس.. مدينة من الحكايات

انطلقت بنا السيارة، زهرة ورشيد وأنا، إلى مكناس التي تبعد حوالي الساعة، حيث تقطن أسرة زهرة.. ومكناس هي عاصمة الولاية التي تحمل نفس الاسم، ويتجاوز عدد سكانها 410 ألف نسمة، وتقع ما بين الطرف الشمالي لجبال الأطلس المتوسط، ومقدمة سلسلة جبال الريف، والأرض التي كنت أتأملها على جانبي الطريق خصبة تكثر فيها بساتين الفاكهة المتنوعة، ولا عجب في ذلك؛ فهي مروية بروافد العديد من الأنهار.

ومكناس فريدة في سحرها تحيطها الأسوار بطول 40 كلم، ويعود تاريخها إلى القرن العشر، حيث سكنها أولاً البربر من قبيلة مكناسة، ثم بدأت تتوسع في عهد المرابطين حتى شكلت حدود المدينة القديمة الحالية سنة 1060، ثم استولى عليها الموحدون سنة 1150، وبعد أن استقرت الأمور بدأت المدينة تزدهر، ومع بداية القرن الثالث عشر تم ترميم الجامع الكبير وبناء الحمامات ومد شبكات المياه، لكن لم يدم ذلك طويلاً، إذ سرعان ما أهمل المدينة حكامها.. ثم ما لبثت أن انتعشت من جديد في عهد المريدين في منتصف القرن الثالث عشر، إذ بنى أبو يوسف قلعة ومسجداً سنة 1276ن وبنى أبو الحسن علي مدرسة وِشبكة للصرف الصحي وجسوراً، وبعد ذلك بقيت مكناس تعيش في الظل.. في ظل فاس التي أصبحت هي منارة الثقافة الإسلامية، كما أسلفت.

كان على مكناس أن تنتظر حتى سنة 1672 عندما اعتلى العرش مولاي إسماعيل من الأسرة العلوية، وترك

فاس إلى مكناس، حيث حكم لمدة 55 سنة بنى خلالها سور المدينة المؤلف من ثلاثة أسوار متداخلة بطول 40 كلم ، كما بنى المساجد والحدائق والحمامات والقصور، وقد نُسجت الكثير من الحكايات التي لا تخلو من الحقيقة عنه، وعن آلاف العبيد الذين جلبهم من السنغال، وبلغ عددهم 10 آلاف من الذكور و10 آلاف من الإناث زوّجهم السلطان وامتلك ما أنجبوه من الذكور!.. وعن مئات النسوة من حريمه اللواتي زدن عن 500، وأنجبن له أكثر من 1100 ولداً، أما البنات؛ فلم يحصين بالطبع!

استقبلني أفراد الأسرة بحفاوة، وقدموا لي الحلوى المغربية المنزلية مع الشاي الأخضر بالنعناع، وهو المشروب المغربي الشعبي.. أما الغداء؛ فكان "الكسكس".. هذه الأكلة الشعبية التي غزت أوروبا ووصلت حتى إلى تاهيتي (بفضل الفرنسيين)؛ فقد رايتها تقدم هناك في أحد المطاعم.

بالقرب من الجامع الكبير والمدرسة يقع دار الجامعي، وهو قصر ضخم من أواخر القرن التاسع عشر كان مقراً للوزير المختار بن العربي الجامعي، وزير ومستشار مولاي حسن (1873 / 1894)، وقد حوّلته مصلحة الفنون المغربية سنة 1926 إلى متحف للفن المغربي تُعرض في قاعاته حلي فضية وملابس تقليدية وأسلحة وأدوات مختلفة من ذلك العهد.. والدخول إلى المتحف مجاني أيام الجمعة للمغاربة.. ومن الجدير بالذكر أني زرت مركز الشبيبة والرياضة، وأثار إعجابي هذا البناء الرائع القديم الطراز الحديث التجهيزات، والذي تكرّم المشرف عليه مشكوراً؛ فأراني الغرف المريحة التي يقيم بها الزوار الشباب، وقاعة السينما والمسرح، ومن طابقه الثاني متّعت ناظري برؤية مئذنة الجامع الكبير.

تابعت سيري جنوباً حتى باب المنصور، وهو أجمل أبواب مكناس، بل أجمل أبواب المدن المغربية على الإطلاق، وقد بناه مولاي عبد الله سنة 1732 بأعمدة من رخام وسيراميك فاخر فيروزي اللون، ويزداد جماله عند الأصيل؛ إذ تضفي عليه أشعة الشمس بريقاً أخّاذاً، وأمامه ساحة واسعة كان لاعبو الخفة وحواة الأفاعي والأطباء الشعبيين يعرضون براعتهم أمام الناس فيها منذ عهد ليس بالبعيد..





لكن الساحة خوت الآن إلا من العابرين، وبعض بائعي الهدايا التذكارية والأحذية، وقد عبرت الساحة للطرف الآخر أمتع ناظري بمنظر الأواني الخزفية اليدوية الصنع التي غطت أرضيات المحلات الصغيرة، وملأت الجدران، وفاض بها المكان فافترشت الأرصفة.

وبعد أن اشتريت بعض الخزفيات الصغيرة نزلت الدرج، حيث سوق الأطعمة وخاصة الزيتون.

وكنت قد سألت زهرة سؤالاً ساذجاً عن أنواع الزيتون في المغرب، وشعرت بالحرج وأنا أرى كل هذه الأصناف وكل هذه الألوان؛ فقد رأيت زيتوناً أحمر فاقع اللون كالكرز لم أر مثله من قبل!.. كان الزيتون الجاهز للأكل معروضاً بطريقة جميلة جداً، وقد طُيّب بالأعشاب والليمون، وفاحت رائحته اللذيذة في أرجاء المكان؛ فتمنيت لو أن معي قطعة خبز لألتهم معها بضع حبات من الزيتون، رغم أني لم أكن جائعة!



في صباح اليوم التالي انطلقنا إلى أفران، وهي مدينة جبلية صغيرة إلى الجنوب الغربي من مكناس.. لا شيء فيها من فوضى وسحر الشرق؛ لكن نظافة ونظام وحدائق منسقة وكأننا في بلدة أوروبية ولسنا في جبال الأطلس المتوسط في المغرب!.. إنها مدينة سياحية فريدة تهطل فيها الثلوج شتاء، وتُمارس فيها الرياضات الشتوية، وفيها جامعة خاصة. وقد صادف أن يكون فيها مساء مهرجان للفنون الشعبية المغربية فاستمتعنا بالألحان والأغاني والرقصات التقليدية، ثم عدنا إلى فاس.



مراكش.. ساحرة الأطلس الشرقية

بعد أيام بضيافة زهرة ورشيد، هاأنذا أودعهما لأنطلق بالسيارة في الصباح الباكر عبر جبال الأطلس باتجاه مراكش في رحلة طويلة تبلغ 485 كم تبدأ من جبال الأطلس المتوسط حتى سفوح جبال الأطلس الكبير عبر مزارع التفاح وغابات الأرز تارة، وصخور جرداء وواحات صحراوية تارة أخرى..

حيث تطل هنا وهناك على حافة الطريق بعض القرى الأمازيغية الصغيرة ببيوتها المبنية من الطوب والطين وهندستها العمرانية البسيطة الجميلة والمتناغمة مع الطبيعة المحيطة بها.

الجو يزداد جفافاً كلما اتجهنا جنوباً، وهاأنذا على مشارف مراكش تبدو لي هذه الجبال السمر من سفوحها،

وقد حُجبت في وهج الظهيرة، بغلالات رقيقة واختفت قممها في السماء البيضاء.

قصدت فندقاً مريحاً في المدينة القديمة يقع قبالة جامع الكتبية الذي وقعت في حبه من النظرة الأولى، وأنا أتأمله من بهو الفندق، لكنني أجّلت التغزل به إلى حين، وبعد أن أكون قد استرحت من عناء السفر بحمام منعش وقيلولة طويلة.

نظر إلي موظف الاستقبال بدهشة، وقرأت في عينيه استغرابه من رؤية امرأة عربية تأتي من المشرق البعيد لتحجز غرفة لوحدها في الفندق.. وازداد ترحيبه حين رأى بطاقتي الصحفية، وعرف أني جئت لأكتب عن بلاده.

عند الأصيل عبرت الشارع، حيث جامع الكتبية، أهم معالم مراكش، والذي تُعرف به.. كان بابه مغلقاً بسبب أعمال الترميم التي ستنتهي بعد أيام؛ فتأملت مئذنته الرائعة المربُعة الشكل من جهاتها الأربع.. والجدير بالذكر أن مآذن المغرب كلها على النمط الأندلسي، أي مربعة الشكل، ويغلب على زخارفها اللون الفيروزي المائل للاخضرار.

اتجهت بعد ذلك إلى ساحة جامع الفناء القريبة.. وإنها لساحة عجيبة هذه الساحة الفسيحة التي ضاقت بناسها

وزوارها.. إنها تدخلك عالم ألف ليلة وليلة، بناسها يفترشون الأرض وقد عرض كل منهم بضاعته وبراعته، فها هنا سقاءو الماء بثيابهم المزركشة وقبعاتهم المميزة وأجراسهم وطاساتهم النحاسية التي تتدلى وتصدر أصواتاً تدل على أصحابها..

وهناك مربو القرود، وحواة الأفاعي يراقصونها على أنغام المزمار (أو بالأحرى يثيرونها)، ويلفونها حول رقابهم، ويغرون الزوار من مغاربة وسواح بلمسها وحملها لالتقاط الصور التذكارية مقابل دراهم قليلة ترافقها الدعوات بالصحة والسعادة والحفظ من العين والشياطين!..

وهاهم الأطباء الشعبيين وقد اصطفت أمامهم كتبهم وزجاجات عقاقيرهم وأعشابهم مع شروح لمكوناتها، وما تشفي من أمراض، إضافة لشهادة من الجهات المعنية تثبت مؤهلاتهم، وقد وضع بعضهم نموذجاً تشريحياً لجسم الإنسان، أو أحد أعضائه.

هنا يباع ويشترى كل شيء تقريباً، حتى الأسنان المخلوعة يمكن تعويضها، إذ لابد أن يجد كل زبون ما يناسبه من كومة السنان التي وقفت أمامها مشدوهة، وقد هرع البائع إلي، ظاناً أني أبحث عن سني عنده، أو أني أريد تركيب طقم كامل للأسنان، أنتقي أسنانه سناً سناً!

ومن البديهي ألا يغيب الطعام والشراب عن الساحة؛ فالطهاة المهرة يدعون ويخدمون الجائعين، وكل له طاولته المرقمة وحولها مقاعد واطئة تجلس عليها لتستمتع مقابل دراهم قليلة بعشاء من النقانق أو اللحم المشوي، أو حتى الحلزونات التي تقدم مسلوقة مع صلصة الأعشاب، وهي أكلة فرنسية جاءت مع المستعمر واستساغها المغاربة فلم ترحل برحيله.

أما بائعو العصير الطازج؛ فقد اصطفت عرباتهم المرقمة بالعشرات في صف جميل طويل، وهم ينادون من وراء تلال الفاكهة، حيث لا يظهر سوى رؤوسهم!

ما إن أرخى الليل سدوله، حتى بدأت فوانيس الطهاة تسطع أنوارها الواحد تلو الآخر، ورائحة الشواء تملأ الساحة، بينما اصطفت عربات الخيل تنتظر ركابها في مكانها المخصص عند حديقة النخيل.

صباح اليوم التالي كانت وجهتي أولاً باب اكناو الذي بني في القرن الثاني عشر، وهو أقدم باب من عهد الموحدين، وبالقرب منه ينتصب باب الرُب، وهو باب المدينة الجنوبي وتسميته تأتي من الرُب (بضم الباء)، أي الدبس، حيث كانت القوافل تخرج منه محملة بدبس العنب.

دخلت متجرأ لأشتري هدية فرحب بي البائع ترحيباُ خاصاُ كوني عربية، وازداد ترحيبه عندما عرف أني سورية، فشرع يغني أغنية لصباح فخري.. وحصل الأمر نفسه في متجر آخر؛ لكن الأغنية كانت هذه المرة مغربية لم أفهم منها سوى كلمتي "سورية ولبنان"!

وفي كلا المتجرين انخفض السعر مرتين.. مرة لأني عربية، ومرة لأني سورية.

بعد هذا الترحيب الحار والمرح، تابعت سيري لأستكشف معالم مراكش الأخرى، فزرت مدرسة بن يوسف القريبة من السوق، وهي مدرسة لتعليم القرآن الكريم من عهد المريدين، بنيت في القرن الرابع عشر، وكانت في وقتها أكبر مدارس شمال إفريقيا، وتتميز بحوض الوضوء المرمري ذي الزخارف الحيوانية، وهذا نادر في فن العمارة الإسلامية..

ومن المدرسة اتجهت إلى باب المدينة الشمالي، وهو باب الخميس، فباب دكالة على جنوبه الغربي، ثم عودة إلى جامع الكتبية، فالفندق؛ فقد حان وقت الاستراحة!

اختتمت زيارتي لمراكش بزيارة لحديقة الماجوريل بنباتاتها الشوكية العملاقة، وخيزرانها المتعدد الأنواع، إضافة لجمال البناء الذي يتوسطها، وانسجامه مع جمالها.

بين الأطلسي وبورقراق

انطلقت صباحاً من مراكش، ووصلت الرباط ظهراً بعد أن قطعت مسافة 333 كلم..

الجو لطيف والحرارة معتدلة بفضل المحيط الأطلسي الذي تقع الرباط على ساحله، إضافة لوقوعها على الضفة اليسرى لنهر بورقراق الذي ينبع من جبال الأطلس، في حين تقع المدينة الشقيقة سلا على الضفة اليمنى.

الرباط هي عاصمة المملكة، ويتجاوز عدد سكانها 555 ألف نسمة، وتعتبر أكثر مدن المغرب أناقة وحداثة وقرباً من نمط المدن الأوروبية.. تمتاز بحدائقها الفسيحة، وشوارعها المزدانة على طرفيها بأشجار النخيل الباسقة، وأبنيتها الرسمية الجميلة وشوارعها النظيفة.

لا يعرف على وجه التحديد متى استوطن الموقع للمرة الأولى، لكن الأبحاث الأثرية تشير إلى وجود الإنسان فيها منذ 10 آلاف سنة، ومن المحتمل أن الفينيقيين وأحفادهم القرطاجيين وصلوها، لكن من المؤكد أن الرومان جعلوا لهم على ضفة نهر بورقراق مرفئاً.

وقد وصلها سنة 1152 من الموحدين عبد المؤمن، وجعل حفيده يعقوب المنصور منها حصناً منيعاً بأبواب عديدة عظيمة، وطلب من المعماري البارع حسان أن يبني فيها مسجداً كبيراً كثير الأعمدة مرتفع المنارة؛ لكن المنية وافت حسان قبل أن ينهي عمله، وبقي مسجده غير مكتمل البناء حتى يومنا هذا، وأصبح يعرف بصومعة حسان.

منذ ذلك العهد عُرفت المدينة باسمها؛ فقد تحول معسكر الجنود الذي كان يعرف برباط الفتح إلى مدينة الرباط.

خرجت من فندقي القريب من محطة القطار بشارع محمد الخامس، وهو الشارع الرئيسي العريض الجميل الذي تتوسطه مساحات من العشب مظللة بأشجار نخيل يفترشها الناس مساء طلباً للسمر والتسلية، بينما يتراكض الأطفال حولهم مرحين صاخبين.. وفي كل مدينة مغربية يوجد شارعان رئيسان يحمل أحدهما اسم الحسن الثاني، والآخر اسم الملك محمد الخامس.

كانت وجهتي جنوب المدينة، حيث القصر الملكي، والمقر الرئيسي للملك.. لم يكن بعيداً، فليس لي سوى السير بضع دقائق لأصل على تقاطع شارع محمد الخامس مع شارع مولاي حسن يميناً، ثم السير فيه حتى البوابة الجميلة يساراً..

عبر البوابة يمتد شارع فسيح وطويل غُرس رصيفاه على امتدادهما بأشجار كبرت وتشابكت أغصانها لتمتّع السائرين تحتها بمنظرها الجميل وظلالها الوارفة.

تراءى لي القصر الملكي على اليمين؛ فاستأذنت من حراسه لألتقط الصور لهذا القصر الأنيق بقرميده الأخضر وأسواره البيضاء..

ثم تابعت سيري وانعطفت يساراً باتجاه أطلال مدينة شالة القريبة، وقد بدت من بعيد البوابة الرائعة من عهد المريدين المميزة ببرجين على طرفيها أضلاعهما مثمنة، وقد صممت في عهد السلطان أبو يوسف يعقوب ما بين عامي 1258 و 1286، وتم بناؤها في عهد السلطان أبو سعيد ما بين عام 1310 و 1331..



وفي هذا المكان تم اكتشاف آثار رومانية تعود للقرن السادس الميلادي لموقع كان يعرف باسم سالاكولونيا، وما زالت أعمال التنقيب مستمرة.

إلى الشرق من المدينة تقع صومعة حسان، وبقربها يقع ضريح الملك محمد الخامس المبني من المرمر الأبيض والقرميد الأخضر من الخارج، وزخارف الموزاييك من الداخل، ويؤمه الزوار في المساء خاصة، حيث تزيد الإضاءة من بهاء البناء. وقد استغرق العمل في بنائه ثماني سنوات، ونقل جثمان الملك إليه في تشرين الثاني / نوفمبر سنة 1971، وكان الملك قد توفي في 26/2/1961.

على الشمال من صومعة حسان تقع القلعة على ضفة نهر بورقراق، التي بنيت في نهاية القرن الثاني عشر، وخلف بوابة القلعة يقع متحف الفن الشعبي المغربي الذي يضم فيما يضم نماذج ثمينة من كتابات قرآنية مخطوطة.

ومن القلعة يمكن التجول في الحواري الضيقة المعروفة باسم اللودالية والوصول على سوق المدينة القديمة، الذي يقل جاذبية عنه في فاس أو مكناس أو مراكش.

خلف السوق تقع المدينة القديمة، حيث ينتهي شارع محمد الخامس، وحيث تنتهي عنده جولتي الدائرية حول الرباط، والتي بدأتها به، لكن من طرفه الآخر!

وهكذا تنتهي أيضاً رحلتي إلى مدن المغرب الملكية.. ويا لها من رحلة!.. رحلة شيقة وممتعة دخلت عبر كل باب من أبواب مدنها الساحرة في حكاية جديدة من حكايات شهرزاد، وعدت وفي جعبتي الكثير من الصور والذكريات.. تحياتي لكم يا أهل المغرب وبوركت بلادكم "الزوينة"!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://press.forum.st
 
المملكة المغربية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: حضارة و تراث-
انتقل الى: