إلى الخريف
(يخاطب الشاعر الخريف وكأنه فتاة جميلة)
*
1
لا تفكّـرْ فيهم ، لك موسيقاكَ أيضاً ،-
بينما الغيوم المحتبَسة تُـزهِـرُ النهارَ المُحتضَر بلطف ،
وتلمس جُذاماتِ* الأرض بلون ورديّ ؛
وفي جوقة مُـوَلـوِلةٍ ينـدب البعوضُ
فصلاً من الضّباب وعذوبة الإثمار،
متعاوناً مع صديقِ الشَّمس الصّاعدة الحميمِ جدّاً ؛
أن تُحَـمِّـلَّ الكرومَ التي تنطلـق بحرية
حول السّقفِ القَـشّي بثمـارٍ وتصونَها في الأماسيِّ ؛
أنْ تَـثَـنيَ أشجارَ الكوخ المكسوِّ بالطّحلب بـتـفّـاحٍ ،
وتجعلَ الفواكهَ كلَّـها ريّـانةً حتّى الصّمـيمَ ؛
لينتـفخَ اليقطـينُ ، وترتـويَ قشورُ البندق
بلبٍّ حُـلـوٍ ؛ لتُطـلِقَ تبـرعُـمـاً أكثـرَ ،
و تستمـرّ أكثـرَ ، أخيراً أزهاراً للنحـل ،
حتى تظـنَّ أنَّ الأيامَ الدافئـةَ مستمرةٌ دومـاً ،
حيث الصّيفُ غمـرَ خلايـاها الطَّـريّـةَ .
2
من الذي لمْ يـَركَ غالـباً وسْطَ مخزنِـكَ ؟
وأيٌّ يبحث بين حين وآخر من خارج الوطن ،
يجدك جالساً غيرَ مُبـالٍ على أرضيّة القمح ،
وشَعـرُكَ بالرّيح المُغَـربِلة منتصبٌ بلطف ؛
أو على الحقل غيرِ المحصود تماماً تظهر نائماً ،
ناعساً من دخان الخشخـاش ، بينما يُـبـقي
منجلك على سنابل القمح القادمة وأزهارِها المجدولةِ كلِّها :
وأحياناً مثـلُ لُقّـاطةٍ** تحفـظ بانتظام
ما تحملـه عَـبْـرَ الغـديـر ؛
أو بمعصرة التفاح ، بنظرة الصّبور
تراقب الرواسبَ الأخيرةَ ساعاتٍ وساعاتٍ.
3
أين أغاني الربيع ؟ نعم ، أينهـا ؟
بين صفصاف النهر ، حُمِـلتْ إلى الأعالي
أو غطستْ ، مثـلَ الريح الخفيفة تعيش أو تموت ؛
مثل الحُمْلان الكبيرة تثغـو بصوت عالٍ على سفوح التِّلال ؛
صراصيرُ الوشيع*** تطنطن ؛ والآن بنعومة مُضاعفـةٍ
يَصفِـرُ العصفورُ المُحَـنّى من حديقة أو حقل ؛
وتغـرِّد السّـنونـو المتجمِّعة في الفضاء .
___________
* جُذامات : جمع جُذامة وهي ما بقي بعد الحصاد وتكون من نصيب الأغنام.
** ما يلتقط من الحصاد .
*** الوشيع : ستار من شجيرات.
__________
ترجمة: د. بهجت عباس
**
To Autumn
John Keats
I
Think not of them, thou hast thy music too,—
While barred clouds bloom the soft-dying day,
And touch the stubble-plains with rosy hue;
Then in a wailful choir the small gnats mourn
Season of mists and mellow fruitfulness,
Close bosom-friend of the maturing sun;
Conspiring with him how to load and bless
With fruit the vines that round the thatch-eves run;
To bend with apples the moss’d cottage-trees,
And fill all fruit with ripeness to the core;
To swell the gourd, and plump the hazel shells
With a sweet kernel; to set budding more,
And still more, later flowers for the bees,
Until they think warm days will never cease,
For Summer has o’er-brimm’d their clammy cells.
II
Who hath not seen thee oft amid thy store?
Sometimes whoever seeks abroad may find
Thee sitting careless on a granary floor,
Thy hair soft-lifted by the winnowing wind;
Or on a half-reap’d furrow sound asleep,
Drows’d with the fume of poppies, while thy hook
Spares the next swath and all its twined flowers:
And sometimes like a gleaner thou dost keep
Steady thy laden head across a brook;
Or by a cyder-press, with patient look,
Thou watchest the last oozing hours by hours.
III
Where are the songs of Spring? Ay, where are they?
Among the river sallows, borne aloft
Or sinking as the light wind lives or dies;
And full-grown lambs loud bleat from hilly bourn;
Hedge-crickets sing; and now with treble soft
The red-breast whistles from a garden-croft;
And gathering swallows twitter in the skies.